تُعنَى أنظمة مساعدة السائق (بالإنجليزية: Advanced Driver Assistance Systems؛ واختصارها: ADAS) في السيارات بتوفير راحةٍ إضافية وأمانٍ في الحركة المرورية على الطريق. وتُستخدَم حاليًا في سيارات الركاب العديد من أنظمة مساعدة السائق، تُضمَّن غالبًا في حزم أمان مفردة. وبات ذلك ممكنًا بفضل نظامٍ يزدادُ ذكاءً باستمرار لاكتشاف المنطقة المُحيطة باستخدام مستشعراتٍ آخذةٍ في الارتقاء على مستوى الأداء بمرور الوقت. وازدادت قدرةُ الموجات فوق الصوتية والرادار والليدار والكاميرا وما شابهها بشكلٍ واضح. ويمثِّل برنامجُ التشغيل شديدُ التعقيد عصبَ أجهزة التحكُّم متزايدة القدرة بصفةٍ مستمرة. إنه يُحسِّن مسارات الخوارزميات من أجل الاستجابة سريعًا حتى في مواقف القيادة الحرجة وإطلاق الإجراء (رد الفعل) الصحيح. وهكذا يمكن السيطرة على الموقف الحرج وتجنُّب الحوادث.
لنأخذ نظام مساعد الحفاظ على الحارة مثالاً: هل تكفي عند مغادرة الحارة نغمة تحذير، أم تحذيرٌ لمسيّ عن طريق اهتزاز عجلة القيادة، أم هل يلزم وجودُ تدخُّلٍ نشط في القيادة أو الكبح؟ يمكن للأنظمة الحديثة استخدام التضافر بين المستشعرات وأنظمة الكاميرات من أجل اتخاذ القرار الصحيح. وكلما زادت دقة معالجة المعلومات الحية في الوقت الفعليّ، كان ردُ فعل نظام مساعدة السائق على الموقف المروريّ أمثل. تتدفَّق في أثناء ذلك واعتمادًا على التطبيق وأنظمة مساعدة السائق المتقدمة، معلوماتٌ عديدةٌ أخرى مثل السرعة، وزاوية القيادة، والمسافة الفاصلة عن السيارة المتقدمة، ومعلوماتٌ حول زاوية الرؤيا العمياء أو حتى ظروف الطريق (وما إلى ذلك). هكذا يُوسِّع مستشعر الاهتزاز الجديد من هيلا إدراكَ الرادار والليدار والكاميرات للمنطقة المحيطة من خلال توفير بيانات مُحدَّثة ودقيقة عن حالة الطريق.
توجد أيضًا، مع ذلك، أنظمة مساعدة لا تتدخَّل بشكلٍ مباشر في عمليات ديناميكيات القيادة، لكنها تُحسِّن بوضوح من السلامة السلبية والراحة. ومن الأمثلة على ذلك مساعد الضوء العالي أو مسَّاحات الزجاج الأمامي الأوتوماتيكية. وتورِّد هيلا كذلك مستشعرات مشتركة للمطر/الضوء، تقيس درجةَ الحرارة ورطوبةَ الهواء والإشعاعَ الشمسيّ (الضوءَ المحيط)، ويمكنها بالتالي التحكُّم في تكييف الهواء بجانب ضوء القيادة.
تسمح أنظمة الرادار (عادةً بتردد 77 جيجاهرتز) بقياساتٍ دقيقة للسرعة والمسافة، حتى عند السرعات العالية للمركبة، ولكنها ليست ذات دقة زاوِّية عالية. وهي تفيد، على سبيل المثال، في تجنُّب الاصطدامات. وتتمثَّل إحدى نقاط قوتها في استقلاليتها عن الطقس. وتُستخدم بجانب الرادار قصير المدى لاكتشاف الأجسام في مدى يصل حتى 30 مترًا، أنظمة رادار متوسطة المدى وطويلة المدى يصل مداها إلى 250 مترًا.
لطالما كانت مستشعرات الموجات فوق الصوتية جزءًا من نظام المساعدة الكلاسيكي على صف السيارة. تقيسُ المسافةَ الفاصلة عن أقرب جسم بتسجيل زمن انتشار النبضات الصوتية المنعكسة التي بثتها. وباعتبارها أجهزةً متخصصة في المدى القصير، تتمتع بأهميةٍ أقل للقيادة الآلية، لكنها أثبتت براعتها كمساعد في صف السيارة وزاوية الرؤية العمياء. مستشعرات الموجات فوق الصوتية مدمجة وقوية. تعمل كذلك ليلاً ودونما عائق، على سبيل المثال في حالة الضباب. ومع ذلك، تتجلَّى نقاط ضعفها عند تساقط الثلوج ولا تكون مناسبةً للمسافات الأطول.
مستشعر لا يقلُ أهميةً هو ما يُعرف باسم مستشعر الليدار. يشير الاختصار Lidar إلى العبارة الإنجليزية Light-Detection and Ranging (بالعربية: اكتشاف الضوء وتحديد المدى)، وهو نظام قياس بصري لاكتشاف الأجسام. يمكن تحديد موضع الكائن من خلال انعكاس الضوء المنبعث على الكائن حتى يصل الضوءُ مرةً أخرى إلى جهاز الاستقبال خلال زمن الانتشار. هو من حيث المبدأ كذلك ماسح ضوئي بالليزر، يمكنه أيضًا إنشاء صورة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المحيطة. ولا تعمل أنظمة الليدار بالموجات الدقيقة، وإنما بنبضاتٍ ضوئية من نطاقات الضوء غير المرئيّ، أيّ بالقرب من ضوء الأشعة تحت الحمراء. النمط النموذجيّ هو طول موجيّ 905 نانومتر، ومدى 200 متر في الظروف الجوية الجيدة، ودقة زاوّية عالية، وتغطية بزاوية 360 درجة. ورغم ذلك، يؤثر الضوءُ الساطع، وظروف الرؤية السيئة، مثل الضباب أو المطر أو الرذاذ، سلبًا على المدى. لذلك يُستعمَل الليدار في الغالب كنظامٍ إضافيّ.
تُستخَدم أنظمةُ الكاميرا كذلك غالبًا من أجل مراقبة المنطقة المحيطة. ويبرز تطبيقٌ أساسيٌّ، على سبيل المثال، في التعرُّف على إشارات المرور. تُعرض العلامات التي تم التعرُّف عليها مباشرةً على بيان عرض الجهاز أو الشاشة. ويفيد التعرُّف على إشارات المرور، في كثيرٍ من الحالات، أيضًا كقاعدة معلومات لأنظمة مساعدة السائق الأخرى، مثل تحذير أولوية المرور أو تحذير السير عكس الاتجاه أو وظيفة تحذير السرعة.
تستطيع الكاميراتُ الحديثة التعرُّف، فضلاً عن ذلك، على العوائق الكائنة أمام السيارة، والتمييز بينها. وتُستخدم في هذا الصدد الكاميراتُ الأحادية والاستريو على حدٍ سواء. وهذه الأخيرة قادرةٌ على اكتشاف العوائق في صورةٍ ثلاثية الأبعاد دون أجهزة استشعارٍ إضافية. في حال وجود كاميرا استريو، يحد حيزُ التركيب من التصوير ثلاثي الأبعاد: فكلما قصرُت المسافةُ الفاصلةُ بين عدستيّ الكاميرا، كان مدى القياس ثلاثيّ الأبعاد الفعَّال أصغر. وهذا يعني: أن كاميرات الاستريو تستطيعُ الرؤيةَ بأبعادٍ ثلاثة حتى 50 مترًا أمام السيارة. وتكون اختلافاتُ المنظور بين كلتا الصورتين المُلتَقطَتين، علاوةً على ذلك، ضئيلةً جدًا على أن تُشتَق منها معلوماتٌ ثلاثيةُ الأبعاد. وبدءًا من هذا الحد، تسلكُ الكاميرا مَسلك كاميرا أحادية.
يبلغ مدى الكاميرا الأحادية حوالي 250 مترًا بغض النظر عن حيز التركيب، ومن خلال الجمع بين الصور من عدة كاميرات ومستشعرات، يتسنى إنشاءُ عرضٍ ثلاثيّ الأبعاد. ويمكن للكاميرات في المقصورة الداخلية كذلك اكتشافُ ما إذا كان السائقُ مُتعبًا أو مُشتتًا. وتسجِّل الكاميراتُ المحيطة (الأمامية والخلفية)، فضلاً عن ذلك، النطاقَ المحيط المباشر للسيارة وتُظهر العوائق.
تُستخدم كاميراتُ الأشعة تحت الحمراء، من ناحيةٍ أخرى، من أجل مساعدي الرؤية الليلية. وهي تتفاعل مع الإشعاع الحراريّ الصادر عن الأجسام. تُحوَّل المعلومات إلى صورٍ بالأبيض والأسود، وتُعرض على شاشة العرض المدمجة. تبدو المنطقةُ المحيطة الأكثر برودةً مظلمةً، فيما يظهر الأشخاص والحيوانات في سطوعٍ ملفت. وتكتشف الأنظمةُ الحديثةُ الأشخاصَ والحيواناتِ البرية الأكبر حجمًا في مسافةٍ تصلُ إلى 300 متر. وتدوِّي إشارةٌ تحذيرية في المواقف الخطرة. ويكون من الممكن، على سبيل المثال، تحذيرُ الشخص بنبضاتٍ ضوئية قصيرة اعتمادًا على نظام الكشاف الأمامي.
يمكن ربطُ جميع البيانات ذات الصلة من الموجات فوق الصوتية والرادار والليدار والكاميرا وغيرها بذكاء وفي الوقت الفعليّ بمساعدة ما يُسمَّى دمجُ المستشعرات. من ناحية المنظور، هذا ما يجعل القيادةَ الآليةَ ممكنةً في المقام الأول. عملياتُ التكرار، أي التداخلُ الجزئيُّ للنتائج فيما يخص استكشاف النطاق المحيط، هي أمرٌ مرغوبٌ فيه صراحةً. فقط عملياتُ التكرار واختباراتُ المعقولية، أي الفحصُ الداخليُّ للنظام لمعرفة ما إذا كانت بياناتُ النطاق المحيط قد سُجِّلت بشكلٍ صحيح، تمنعُ إلى حدٍ كبير التفسيرَ غير الصحيح للبيانات. نحنُ نتعامل مع ذلك بمزيجٍ فرديّ من المعلومات والمستشعرات والمزيدَ المزيد من البيانات، التي تجب معالجتها في الوقت الفعليّ، اعتمادًا على أنظمة مساعدة السائق ودرجة الأتمتة وفئة السيارة. وهذا ما يمثلُ اليوم تحفةً فنيةً من التكنولوجيا!